قد يكون العنوان غريبا فالناس يتحدثون عن الجانبين الإيماني والشرعي قبل الحج ولكننا نتحدث هنا عن الجانب الإجتماعي لمناسك الحج ومن يتأمل هذه المناسك يجد أن خلف كل نسك قصة عائلية..
•= القصة الأولى: فالكعبة هي قبلة المسلمين وركن من أركان الحج بدأت مع قصة عائلية عندما تزوج سيدنا إبراهيم عليه السلام زوجته الثانية هاجر، وهاجر معها إلى مكة المكرمة ورزق منها بإسماعيل عليه السلام فلما كبر ساعد والده في مشروع بناء البيت، وهذا التعاون بين الأب وولده رسالة يتأملها كل من يطوف حول البيت فيبني حياته على التعاون مع أبنائه في مشاريع حياة الدنيا والآخرة.
•= القصة الثانية: فهي قصة ماء زمزم وذلك عندما ترك إبراهيم زوجته وطفلها في واد غير ذي زرع فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال نعم فسلمت أمرها لله فأكرمها الله بماء زمزم وهذا الموقف فيه رسالة لكل امرأة تطيع زوجها وتصبر على غيابه وتهتم بأولادها بأن يكرمها الله نعيمًا لا ينفد في الدنيا والآخرة ولهذا قال رسولنا الكريم عن ماء زمزم «زمزم لما شرب له» أي يستفيد منه الشارب على حسب نيته فقد كان الشافعي رحمه الله يقول: شربت ماء زمزم لثلاثة: للرمي فكنت أصيب العشرة من العشرة والتسعة من العشرة وللعلم فهأنا كما ترون ولدخول الجنة فأرجو حصول ذلك.
وأما تجربة الإمام الترمذي مع زمزم فإنه يقول رحمه الله: دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ما شغلني فجعلت أعتصر -أي أقاوم خروجه- حتى آذاني وخفت إن خرجت من المسجد أن أطأ بعض الأقدام وذلك أيام الحج فذكرت هذا الحديث أي «ماء زمزم لما شرب له» فدخلت زمزم فتضلعت منه فذهب عني إلى الصباح وكذلك لابن عباس رضي الله عنه تجربة مع زمزم إذ يقول عند شرب ماء زمزم: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاء من كل داء وغيرها من القصص والتجارب التي تبين بركة ماء زمزم حتى إنني أذكر من سنوات كنت في حملة حج ودخل علينا رجل حزين جدًا وقد عرفت أنه فقد أمه أثناء طواف الإفاضة والناس تقول له أذهب للشرطة وللدفاع المدني وأنا أقول له أشرب ماء زمزم وأدع الله أن يجمعك بأمك فنظر إلي مستغربًا ولكنه فعل ما ذكرت له وذهب للبحث عن أمه مرة أخرى بالحرم فوجدها جالسة عند المروة وفرح فرحًا شديدًا ثم قال لي والله ما كنت أتوقع الأثر السريع لماء زمزم.
•= القصة الثالثة: هي قصة الرجم وهو من أركان الحج وقد بدأت عندما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل فإستشاره في الذبح فقال {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} والرسالة التي نتعلمها هنا أننا لابد أن نتحاور مع أبنائنا ونتشاور معهم نعلمهم أن عدو الأسرة الأول هو إبليس وهو عدو البشرية فنعلمهم مخططاته لإغواء الإنسان وكيفية التعامل معها بالاستعانة بالله تعالى.
إلا أن نهاية القصة تفيد بأن الله أكرم إبراهيم وولده بأن عوضهما بذبح الكبش جزاء للسمع والطاعة من الطرفين وتعويضًا على صبرهما وتنفيذًا لأوامر ربهما وإستخدامًا لأسلوب الحوار والمشاورة مع الأبناء وخاصة المراهقين لأن إسماعيل وقتها كان فتى أي في عمر المراهقة وصار الذبح سنة إلى قيام الساعة وهذه رسالة لكل أسرة في العالم أن يوم عيد الأضحى هو يوم عيد الترابط والحوار الأسري.
•= القصة الرابعة: هي السعي بين الصفا والمروة وقد سعت أمنا هاجر بحثًا عن الماء وصار هذا الفعل ركنًا من أركان الحج فيقتدي بها كل الرجال والنساء عندما يذهبون للحج والكل يتفكر في سعيها بحثًا عن الماء لوليدها وهذه رسالة أخرى لكل من يسعى بأن الله لا يضيع عبده إذا كان مؤمنًا به وواثقًا بكرمه وعطائه.
•= قصتنا الخامسة: هي أن جبل عرفة كما قيل سمي عرفة لتعارف آدم وحواء عنده وهذا بعد إجتماعي آخر إن صحت الرواية فهذه خمس قصص عائلية في مناسك الحج ونسأل الله تعالى القبول لمن تيسر له حج هذا العام ولمن لم يتيسر أن يرزقه الله نية الحج وإن كان في بيته فالحج مدرسة إجتماعية عظيمة
الكاتب: د.جاسم المطوع.
المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.